(قال) ابن عمر: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة، ويقول) في طوافه مخاطبًا لها: (ما أطيبك) - بكسر الكاف - خطابًا لها؛ أي: ما أطيب وأحسن ذاتك؛ حيث كنت معبدًا للناس (و) ما (أطيب ريحك! ) أي: رائحتك؛ لأنك تطيبين كل يوم بل كل وقت و (ما أعظمك) أي: أعظم قدرك حيث كنت معبدًا للناس (و) ما (أعظم حرمتك! ) حيث يطاف بك ليلًا ونهارًا، أو بعدم مرور الطير عليك (و) أقسم لك بالإله (الذي نفس محمد) وروحه (بيده) المقدسة (لحرمة المؤمن أعظم) وأرفع (عند الله حرمةً) وقدرًا (منك) أي: من حرمتك وقدرك؛ فإن حرمة البيت إنما هي للمؤمنين من حيث كونها متعبدًا لهم، قال تعالى:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ}(١)، وقوله: ولحرمة (ماله) أي: مال المؤمن (و) حرمة (دمه) أي: دم المؤمن (و) حرمة (أن نظن به) أي: بالمؤمن (إلا خيرًا) أي: غير خير؛ وهو سوء الظن .. أعظم عند الله حرمةً من حرمتك.
أي: قوله: "ماله ودمه وأن نظن به" مجرورة على أن الأول بدل من المؤمن في قوله: "لحرمة المؤمن" والأخيرين معطوف عليه؛ أي: حرمة ماله وحرمة دمه وحرمة أن نظن به ما عدا الخير؛ أي: وحرمة هذه الثلاثة أشد من انتهاك حرمتك.