وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) لي (في حجة الوداع) يوم النحر بمنىً، قال النووي: والمشهور في الرواية: (حجة الوداع) بفتح الحاء المهملة، والمسموع فيها من العرب .. الكسر، قال: الهروي: والقياس فيها الفتح؛ لأنها اسم المرة الواحدة، لا الهيئة، قالوا: فيجوز فيها الكسر بالسماع، والفتح بالقياس.
وسميت حجة النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها، وعلمهم في خطبته فيها أمر دينهم، وأوصاهم أن يبلغ الشاهد فيها الغائب عنها.
(استنصت الناس) أي: اطلب منهم الإنصات والسكوت، وَأْمُرْهُم به؛ ليسمعوا مني هذه الأمور المهمة، والقواعد التي سأقررها لهم وأُحقِلُهم إياها؛ والاستنصات: طلب الإنصات؛ والإنصات: السكوت مع الإصغاء.
ومعنى (استنصت): أَسْكِت الناسَ؛ ليستمعوا مني قواعد دينهم، ووصيتي إليهم بمصالح دينهم (ثم) بعدما أَسْكَتُّهم وأَمرْتُهم بالاستماع (فـ) سكَتُوا (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا) ولا تنقلبوا (بعدي) أي: بعد فراقي من موقفي هذا، ويكون معنى:(بعدي) خلافي؛ أي: لا تخلفوني في أنفسكم بعد الذي أمرتكم به، أو بعد وفاتي؛ أي: لا ترتدوا ولا تصيروا بعد وفاتي (كفارًا) مستحلين المقاتلة فيما بينكم، حالة كونكم (يضرب بعضكم رقاب بعض) آخر، مستحلين المقاتلة والمقاطعة بينكم، فتكونون كافرين كفرًا حقيقيًّا.