إنك إذًا لجريء بوزن فعيل؛ من الجرأة؛ أي: جسور مقدام، قاله على جهة الإنكار كأنه أنكر عليه هذا الادعاء؛ فإن ذاكرة المرء تتعرض للذهول عن بعض الأشياء، فالاحتياط أن يقول: إني أذكر جوهر اللفظ، ولا أدعي أني أذكر كله بلفظه، كذا في "القسطلاني".
وقيل: إن عمر مدحه على جرأته في ادعاء أنه يحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث الفتن كما سمعه منه؛ لأن ذلك يدل على اهتمامه وشدة اعتنائه بحفظ الحديث.
ثم (قال) عمر لحذيفة: و (كيف) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإخبار عن الفتن؟ - وهو جزء من كلام عمر - (قال) حذيفة في جواب استفهام عمر: قلت له (سمعته) صلى الله عليه وسلم (يقول) في الإخبار عن الفتنة: (فتنة الرجل) مبتدأ؛ أي: افتتان المرء (في) شؤون (أهله) وزوجته (و) في شؤون (ولده و) في شؤون (جاره) بانهماكه فيها؛ بحيث يؤدي ذلك إلى الإخلال بطاعات الله تعالى أو بتقصيره في أداء حقوقهم، ثم ذكر خبر المبتدأ بقوله:(تكفرها) أي: تكفر ما صدر منه من الصغائر في حال افتتانه بهذه الأمور (الصلاة) أي: الصلوات الخمس وغيرها (والصيام) أي: صيام رمضان وغيره (والصدقة) أي: الصدقة المفروضة، كالزكاة وغيرها (والأمر بالمعروف) أي: أمر الناس بفعل مأمورات الشرع (والنهي) أي: نهي الناس (عن المنكر) أي: عن منكرات الشرع؛ أي: يكفر ثوابُ هذه العبادات صغائرَ ذلك الافتتان؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات.
وهذا الحديث وإن كان ظاهره عامًّا في الصغائر والكبائر جميعًا، ولكنه