مخصوص بالصغائر؛ بدليل الآيات والأحاديث الأخرى التي تدل على أن الحسنات إنما تكفر الصغائر.
(فقال عمر) لحذيفة رضي الله تعالى عنهما: (ليس هذا) الحديث الذي ذكرته من افتتان الرجل في أهله وولده وجاره، واسم الإشارة مفعول مقدم لقوله (أريد) وأقصد؛ أي: لم أرد بالفتنة التي ذكرته لكم هذه الفتنة التي ذكرتها لنا (إنما أريد) وأقصد بالفتنة التي ذكرتها لكم الفتنة الكبرى العامة (التي تموج) وتضطرب وتتحرك اضطرابًا منتشرًا عامًا لجميع الناس وتتموج تموجًا (كموج البحر) أي: ترتفع كارتفاع موج البحر عند هيجانه بالريح العاصفة إذا عصفته الريح؛ من ماج البحر؛ إذا اضطرب وتحرك وارتفع.
قوله:(فتنة الرجل في أهله) قالوا: فتنته فيهم: أن يأتي من أجلهم بما لا يحل له من القول أو الفعل مما لم يبلغ الكبائر؛ أو المراد: كل ما يعرض له معهم من شر أو حزن أو شبهة، وفتنته في ماله: أن يأخذه من غير مأخذه، أو يصرفه في غير مصرفه، وفتنته في نفسه وولده: فرط محبته له، وشغله بهم عن كثير من الخير.
وفتنته في جاره: أن يتمنى أن يكون حاله مثل حاله إن كان متسعًا؛ كما قال تعالى:{وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً}(١). انتهى "نووي".
قوله:(إنما أريد التي تموج كموج البحر) أي: إنما أريد الفتنة العامة التي تموج وتتحرك وتنتشر موجًا واضطرابًا؛ كموج البحر واضطرابه وتحركه، يقال: ماج البحر؛ إذا تحرك ماؤه وارتفع، شبهها بموج البحر في شدتها