وسلم: إن أدركك ذلك الزمن .. (فالزم جماعة المسلمين وإمامهم) يعني: متى اجتمع المسلمون على إمام .. فلا يخرج عليه وإن جار (فإن لم يكن لهم جماعة) متفقة (ولا إمام) بايعوه على السمع والطاعة .. (فاعتزل تلك الفرق) المتفرقة (كلها) وابتعد عنهم ولا تختلط بهم؛ لئلا تغرقك أمواج الفتن (ولو) حصل لك الاعتزال بي (أن تعض بأصل شجرة) وساقها (حتى يدركك) ويأتيك (الموت وأنت) أي: والحال أنك (كذلك) أي: على ذلك العض؛ أي: عض أصل الشجرة.
قوله:"فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام" هذه إشارة إلى مثل الحالة التي اتفقت للناس عند موت معاوية بن يزيد بن معاوية؛ فإنه توفي لخمس بقين من ربيع الأول سنة أربع وستين، ولم يعهد لأحد، وبقي الناس بعده بقية ربيع الأول وجمادين وأيامًا من رجب من السنة المذكورة لا إمام لهم حتى بايع الناس بمكة لابن الزبير، وفي الشام لمروان بن الحكم.
قوله:"فاعتزل تلك الفرق كلها" هذا أمر بالاعتزال عند الفتن؛ وهو على جهة الوجوب؛ لأنه لا يسلم الدين إلا بذلك.
وهذا الاعتزال عبارة عن ترك الانتماء إلى من لم تتم إمامته من الفرق المختلفة، فلو بايع أهل الحل والعقد لواحد موصوف بشروط الإمامة .. لانعقدت له الخلافة، وحرمت على كل أحد مخالفته، فلو اختلف أهل الحل والعقد لإمامين؛ كما اتفق لابن الزبير ومروان .. لكان الأول هو الأرجح. انتهى من "المفهم".