قوله:"ولو بأن تعض على أصل شجرة" قال البيضاوي: المعنى: إذا لم يكن في الأرض خليفة .. فعليك بالعزلة والصبر على تحمل شدة الزمان.
وعض أصل الشجرة .. كناية عن مكابدة المشقة. أفاده ابن حجر؛ كقولهم: فلان يعض الحجارة من شدة الألم، أو المراد: اللزوم؛ كقوله في الحديث:"عضوا عليها بالنواجذ".
وقال بعضهم: والذي يظهر من معنى هذا الحديث أن المعتزل إذا لم يجد شيئًا يأكله بسبب عزلته، حتى اضطر إلى أكل أصول الأشجار .. فليفعله، ولا يمنعه ذلك عن الاعتزال.
أي: ولو أمكن لك الاعتزال بأكل قشور أصول الأشجار وسوقها؛ لفقدك الطعام لأجل الاعتزال عن الناس (حتى يدركك) ويلحقك (الموت) ويأتيك (وأنت كذلك) أي: والحال أنك على ذلك العض. انتهى منه.
قال السندي: والمعنى: أن اعتزل الناس، واصبر على المكاره والمشاق، واخرج منهم إلى البوادي، وكل ما فيها من أصول الشجر، واكتف بها. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، وفي كتاب الفتن، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة، والله أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث آخر لأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما، فقال: