القلب؛ لأنه صغير جرمه في الرؤية، كبير قدره؛ لأن صلاح سائر البدن وفساده تابع له.
(إذا صلحت) - بفتح اللام - من باب نصر؛ أي: إذا انشرحت واتسعت تلك المضغة بالهداية .. (صلح الجسد كله) أي: استعملت الجوارح في الخيرات؛ لأنها متبوعة للجسد، وهي وإن كانت صغيرةً صورةً، لكنها كبيرةٌ رتبةَ الأميرة للجسد.
(وإذا فسدت) تلك المضغة؛ أي: انشرحت بالضلالة، وهو من باب نصر أيضًا .. (فسد الجسد كله) باستعمال آلاته في المنكرات (ألا وهي) أي: وتلك المضغة التي كانت أميرة الجسد (القلب) سميت بالقلب؛ لأنها محل الخواطر المختلفة الحاملة على الانقلابات. انتهى من "المبارق".
قالوا: المراد: تصغير القلب بالنسبة إلى باقي الجسد، مع أن صلاح الجسد وفساده تابعان للقلب. انتهى "نووي".
وهذا اللفظ في الأصل: مصدر قلبت الشيء أقلبه؛ من باب ضرب؛ إذا رددته على بدئه، وقلبت الإناء؛ إذا رددته على وجهه، وقلبت الرجل عن رأيه؛ إذا صرفته عنه.
ثم نقل هذا اللفظ، فسمي به هذا العضو الذي هو أشرف أعضاء الحيوان؛ لسرعة الخواطر فيه، ولترددها عليه، وقد نظم بعض الفضلاء هذا المعنى، فقال:
ما سمي القلب إلا من تقلبه ... فاحذر على القلب من قلبٍ وتحويلِ
وفي "اللسان" و"تاج العروس":
ما سمي القلب إلا من تقلبه ... والرأي يصرف بالإنسان أطوارا