للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الصرف؛ كما بسطنا الكلام عليه في شرحنا "مناهل الرجال على لامية الأفعال".

ومعناه: أكل الماشية من المرعى، وأصله إقامتها فيه، وتبسطها في الأكل منه، ومنه قوله تعالى: {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} (١).

وهذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لمحارم الله تعالى، وأصله أن ملوك العرب كانت تحمي مراعي لمواشيها الخاصة بهم، وتحرج منه الناس بالتوعد بالعقوبة على من قربها، فالخائف من عقوبة السلطان يبعد بماشيته من ذلك الحمى؛ لأنه إن قرب منه .. فالغالب الوقوع فيه، وإن كثر الحذر؛ إذ قد تنفرد الفاذة، وتشذ الشاذة، ولا تنضبط، فالحذر أن يجعل بينه وبين ذلك الحمى مسافة؛ بحيث يأمن فيها من وقوع الفاذة والشاذة فيه، وهكذا محارم الله تعالى؛ لا ينبغي أن يحوم حولها؛ مخافة الوقوع فيه على الطريقتين المتقدمتين.

(ألا) - بفتح الهمزة وتخفيف اللام - حرف استفتاح وتنبيه؛ أي: انتبهوا أيها المسلمون واستمعوا ما أقول لكم: (وإن لكل ملك) من ملوك الدنيا؛ أي: لجنسهم (حمىً) أي: مرعىً حماه ومنعه من الناس لرعي مواشيه، وإلا .. فليس لكل ملك حمىً، بل لبعضهم (ألا وإن حمى الله) الذي حمى عباده منه (محارمه) أي: محرماته؛ أي: ما حرمه على عباده من المنهيات والمعاصي، ولما كان التورع يميل القلب إلى الصلاح، وعدمه يميله إلى الفجور .. نبه النبي صلى الله عليه وسلم عليه بقوله: (ألا وإن في الجسد) أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم: وإن في جنس الجسد والجسم (مضغة) أي: قطعة لحم قدر ما يمضغه الماضغ.

والمضغة في اللغة: قطعة لحم قدر ما يمضغ عند الأكل، وعبر بها هنا عن


(١) سورة يوسف: (١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>