للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: "لَا وَالله، مَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ إِلَّا مَا يُخْرِجُ اللهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا"، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ !

===

الناس؛ أي: وعظهم بالوعد والوعيد (فقال: لا) نافية (والله) جملة قسمية زادها لتاكيد الكلام (ما) زائدة زيدت لتأكيد المنفي المفهوم من لا؛ أي: أقسمت لكم بالله الذي لا إله غيره؛ لا (أخشى) ولا أخاف (عليكم أيها الناس) فِتَنًا تشغلكم عن الدين والعمل المصالح (إلَّا ما يخرج الله) سبحانه وتعالى (لكم) من الأرض ويبسطه لكم، حالة كون ما يخرجه لكم (من زهرة الدنيا) وزينتها ومتاعها ونعيمها.

والزهرة - بفتح الزاي وسكون الهاء - والمراد بها: الزينة والبهجة؛ كما في الحديث، والزهرة مأخوذة من زهرة الشجر؛ وهو نَوْرُها - بفتح النون - والمراد بها: ما فيها من أنواع المتاع والعين والثياب والزروع وغيرها مما يفتخر الناس بحسنه مع قلة البقاء.

قال القاري: والمعنى: إني أخاف عليكم أن كثرة أموالكم عند فتح بلادكم تمنعكم من الأعمال الصالحة، وتشغلكم عن المعلوم النافعة، وتحدث فيكم الأخلاق الدنية؛ من التكبر والعجب والغرور، ومحبة الجاه والمال وما يتعلق بهما من لوازم الأمور الدنيوية، والإعراض عن الاستعداد للموت وما بعده من الأهوال الأُخرى.

وقال النووي: وفيه: التحذير من الاغترار بالدنيا والنظر إليها والمفاخرة بها، وفيه استحباب الحلف من غير استحلاف إذا كان فيه زيادة في التوكيد والتفخيم؛ ليكون أوقع في النفوس. انتهى.

(فقال له) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رجل) من الحاضرين، لَمْ أر من ذكر اسمه: (يا رسول الله؛ أيأتي الخير بالشر؟ ! ) أي: أتصير النعمة عقوبة؟ ! لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>