للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً

===

زهرة الدنيا نعمة من الله تعالى، فهل تعود هذه النعمة نقمة، وهو استفهام استرشاد لا إنكار.

والباء في قوله: (بالشر) صلة ليأتي؛ أي: هل يستجلب الخير الشر.

وفيه تسمية المال: خيرًا، ويؤيده: قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (١)، وقوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} (٢).

وفي "الدهني على هامش مسلم": قوله: (أيأتي الخير بالشر) الباء فيهِ لِلتَّعْدية، والاستفهامُ الإنكاريُّ للاسترشادِ.

والمعنى: فهل يستجلب الخير الشر؛ يعني: أن ما يحصل لنا من الدنيا .. خير إذا كان من جهة مباحة، فهل يترتب عليه شر؛ انتهى.

(فسكت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عن جواب سؤاله (ساعةً) أي: زمنًا قليلًا.

وفي رواية عطاء عند البخاري: (حتى ظننت أنه ينزل عليه) أي: الوحي، وكأنهم فهموا ذلك بالقرينة من الكيفية التي جرت عادته بها عندما يوحى إليه، قال الحافظ رحمه الله تعالى: إنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ينتظر الوحي عند إرادة الجواب عما يسأل عنه، وهذا على ما ظنه الصحابة.

ويجوز أن يكون سكوته؛ ليأتي بالعبارة الوجيزة الجامعة المفهمة، وقد عَدَّ ابن دريد هذا الحديث؛ وهو قوله: (إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطًا أو يلم) من الكلام المفرد الوجيز الذي لَمْ يُسبق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى معناه، وكلُّ مَنْ وقع شيء منه في كلامه .. فإنما أَخذَه منه.


(١) سورة العاديات: (٨).
(٢) سورة البقرة: (١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>