للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَالَ: "كَيْفَ قُلْتَ؟ "، قَالَ: قُلْتُ: وَهَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ، أَوَ خَيْرٌ هُوَ؟ !

====

ويستفاد من هذا الحديث ترك العجلة في الجواب إذا كان يحتاج إلى التأمل، ويؤيد أنه من الوحي قوله في رواية هلال عن عطاء: (فأفاق يمسح عنه الرحضاء) أي: العرق" فإنه كانت عادته عند نزول الوحي؛ كما تقدم في أحاديث بدء الوحي (وإن جبينه ليتفصد عرقًا).

(ثم) بعدما سكت رسول الله ساعةً (قال) للرجل: (كيف قلت) أيها الرجل في سؤالك؟ (قال) الرجل: (قلت) يا رسول الله في سؤالي لك: (وهل يأتي الخير بالشر؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) للرجل: (إن الخير) الحقيقي (لا يأتي إلَّا بخير) ولكن هذه الزهرة ليست بخير محض؛ لما يؤدي إليه من الفتنة والمنافسة والاشتغال بها عن كمال الإقبال على الآخرة.

قال الحافظ: ويؤخذ منه أن الرزق ولو كثر، فهو من جملة الخير، وإنما يعرض له الشر بعارض البخل به عمن يستحقه، والإسراف في إنفاقه فيما لَمْ يشرع، وأن كلّ شيء قضى الله أن يكون خيرًا .. فلا يكون شرًّا، وبالعكس، ولكن يخشى على من رزق الخير أن يعرض له في تصرفه فيه ما يجلب له الشر. انتهى.

(أوَ خير هو؟ ! ) بفتح (الواو) العاطفة على محذوف، و (الهمزة): للاستفهام الإنكاري داخلة على ذلك المحذوف، و (خير): خبر مقدم، و (هو) مبتدأ مؤخر؛ والتقدير: أتقول ذلك وتظن أن هذا المال خير كله، لا؛ فإنه ليس خيرًا حقيقيًّا وإن سمي خيرًا؛ لأن الخير الحقيقي هو ما يعرض له من الإنفاق في الحق؛ كما أن الشر الحقيقي فيه هو ما يعرض له من الإمساك عن الحق والإخراج في الباطل، ثم ضرب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>