مثلين؛ أحدهما: للمفرط في جمع الدنيا والمنع من حقها، والآخر: للمقتصد في أخذها والنفع بها.
وأشار إلى الأول بقوله:(إن كل ما ينبت الربيع) قيل: هو الفصل المشهور بالإنبات من فصول السنة الأربعة المجموعة في قول بعضهم:
ربيع صيف من الأزمان ... خريف شتاء فخذ بياني
وقيل: هو النهر الصغير المتفجر من النهر الكبير؛ كما في "القسطلاني"، والأول هو الأصح، والله أعلم.
(يقتل) البهيمة (حبطًا) أي: انتفاخًا وتخمةً؛ والحبط - بفتحتين -: التخمة؛ وهي امتلاء البطن وانتفاخه من الإفراط في الأكل.
وهو تمييز محول عن الفاعل؛ والتقدير: إن كلّ ما ينبت يقتل الماشية حبطه حقيقة إذا أفرطت في الرعي.
وفي الرواية الثانية في مسلم:(وإن مما ينبت الربيع) فهذه محمولة على تلك؛ كما في "النووي" يعني: أن ما يحصل في الربيع من النبات بتوالي أمطاره بإنبات الله تعالى؛ ففي الإسناد مجاز عقلي، يهلك الماشية حبطًا؛ أي: تخمة.
(أو يلم) - بضم الياء وتشديد الميم - أي: أو يقارب أن يقتل ويهلك، فـ (أو) للتنويع.
والمعنى: إن الربيع ينبت خيار العشب، فتستكثر منه الماشية لاستطابتها إياه، حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حد الاعتدال، فتنفتق أمعاؤها من ذلك فتموت أو تقرب الموت.
ومن المعلوم؛ أن الربيع ينبت أضراب العشب، فهي كلها خير في نفسها،