للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَقْرَؤُونَ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، وَإنَّا سَمِعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ لَا يُغَيِّرُونَهُ .. أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِهِ"،

===

تقرؤون هذه الآية) أي: قوله تعالى: ({يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}) (١)، وفي رواية: وتضعونها؛ أي: تحملونها على غير معناها؛ بأن تجروها على عمومها، وتمتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلقًا، وليس كذلك، بل لا بد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (وإنا سمعنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر) و (لا يغيرونه) أي: فلم يغيروه بأيديهم أو بألسنتهم؛ أي: بقدر طاقتهم .. (أوشك) وقرب (أن يعمهم الله بعقابه) أي: من فعل منهم المنكر، وغيره إذا سكت عليه ولم ينههم.

قال النووي: وأما قوله: أي: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} الزموا أنفسكم .. فليس مخالفًا لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية: أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به من الأمر والنهي .. فلا يضركم تقصير غيركم؛ مثل قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٢)، وإذا كان الأمر كذلك، فمِمَّا كُلِّف به الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر، فإذا فعله فلم يمتثل المخاطب .. فلا عَتْبَ بعد ذلك على الفاعل؛ لكونه أبي ما عليه من الأمر والنهي.

فليس المعنى المراد من الآية: بيان عدم لزوم الأمر والنهي، بل المقصود منها: بيان أن معصية الغير لا تضر إذا أتى بما عليه، ومن جملة ما عليه هو الأمر والنهي، فلا بد منهما.


(١) سورة المائدة: (١٠٥).
(٢) سورة الأنعام: (١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>