للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: "الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ؛ يُبْتَلَى الْعَبْدُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ؛ فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صُلْبًا

===

(قال) سعد: (قلت: يا رسول الله، أي) أفراد (الناس أشد) أي: أكثر أو أصعب (بلاءً؟ ) أي: محنةً ومصيبةً (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشدهم بلاء وامتحانًا (الأنبياء) أي: هم أشدهم في الابتلاء؛ لأنهم يتلذذون بالبلاء؛ كما يتلذذ غيرهم بالنعماء، ولأنهم لو لم يبتلوا .. لتوهم فيهم الألوهية، وليوهن على الأمة الصبر على البلية، ولأن من كان أشد بلاءً .. كان أشد تضرعًا والتجاءً إلى الله تعالى (ثم الأمثل فالأمثل) أي: ثم أشدهم بلاءً الأمثل والأفضل الذي يلي الأنبياء رتبةً، ثم بعد ذلك الأمثلِ والأفضلِ الذي يلي الأنبياء .. الأفضلُ الذي يلي ذلك الأمثل.

قال الحافظ: (الأمثل) أفعل؛ من المثالة، والجمع أماثل؛ وهم الفضلاء، وقال ابن الملك: أي: الأشرف فالأشرف، والأعلى فالأعلى رتبةً ومنزلةً.

يعني: من هو أقرب إلى الله تعالى .. بلاؤه اشتد؛ ليكون ثوابه أكثر.

قال الطيبي: (ثم) فيه للتراخي في الرتبة، و (الفاء) للتعقيب على سبيل التوالي تنزلًا من الأعلى إلى الأسفل، و (اللام) في (الأنبياء) للجنس.

قال القاري: ويصح كونها للاستغراق، إذ لا يخلو واحد منهم من عظيم محنة وجسيم بلية بالنسبة لأهل زمنه، يدل عليه قوله: (يبتلئ) بالبناء للمفعول؛ أي: يختبر (العبد على حسب دينه) أي: على مقدار دينه ضعفًا وقوةً، ونقصًا وكمالًا.

قال الطيبي: الجملة بيان للجملة الأولى، و (اللام) في (العبد) للاستغراق في الأجناس المتوالية.

قوله: (فإن كان) تفصيل للابتلاء، أي: فإن كان قدره (في دينه صلبًا) - بضم الصاد المهملة - أي: قوة شديدًا، وهو خبر كان، والجار والمجرور

<<  <  ج: ص:  >  >>