(في) المرة (الثالثة) أي: الأخيرة (فقال) حذيفة: (يا صلة؛ تنجيهم) أي: تنجي تلك الكلمة أولئك الطوائف (من) عذاب (النار، ثلاثًا).
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ودرجته: أنه صحيح، لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث زياد بن لبيد.
قال البوصيري: هذا الحديث إسناده صحيح؛ لأن رجاله ثقات، رواه مسدد في "مسنده" عن أبي عوانة عن أبي مالك الأشجعي بإسناده ومتنه، ورواه الحاكم في "المستدرك" من طريق أبي كريب عن أبي معاوية، وقال: صحيح على شرط مسلم، وفي هذا الحديث نبأ خطير؛ وهو أنه سوف يأتي يوم على الإسلام يمحى فيه أثره، وعلى القرآن فيرفع فلا يبقى منه ولا آية واحدة؛ وذلك لا يكون قطعا إلَّا بعد أن يسيطر الإسلام على الكرة الأرضية جميعًا، وتكون كلمة الله فيها هي العليا؛ كما هو نص قول الله عزَّ وجلَّ:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}(١)، وكما شرح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أحاديث كثيرة، وما يرفع هذا القرآن الكريم في آخر الزمان إلَّا تمهيدًا لقيام الساعة على شرار الخلق الذي لا يعرفون شيئًا من الإسلام البتة، حتى ولا توحيده.
وفي الحديث إشارة إلى عظمة القرآن، وأن وجوده بين المسلمين هو السبب لبقاء دينهم، ورسوخ بنيانهم، وما ذلك إلَّا بتدارسه وتدبره وتفهمه، ولذلك تكفل الله تبارك بحفظه إلى أن يأذن الله برفعه، فما أبعد ضلال بعض المقلدة الذين يذهبون إلى أن الدين محفوظ بالمذاهب الأربعة، وأنه