للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ؛ حَدَّثَنَا: أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَال،

===

قال الأبي: وكان الشيخ ابن عرفة يقول: هما حديث واحد، ولعل الحديث الثاني حديث عرض الفتن.

قال حذيفة: (قد رأيت) أنا (أحدهما) وهو نزول الأما نة في جذر القلوب (وأنا أنتظر) وأراقب (الآخر) أي: مجيء الحديث الآخر؛ وهو حديث رفع الأمانة.

الأول منهما: ما ذكره بقوله: (حدثنا) رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الصادق المصدوق (أن الأمانة نزلت) وحلَّت وخلقت (في جذر) - بفتح الجيم وكسرها مع سكون الذال المعجمة فيهما - أي: في أصل (قلوب الرجال) الكاملين، والنساء الكوامل؛ يعني: الصالحين والصالحات؛ أي: وجدت في أصل قلوبهم في خلقتها، وصارت فطرة وطبيعة فيها، حتى يعرض عليها ما يزيلها من الفتن؛ كما يشهد له حديث: "كلّ مولود يولد على الفطرة، ثم أبواه يهودانه أو ينصرانه".

قال النووي في "شرح مسلم": والظاهر أن المراد بالأمانة: التكاليف التي كلف الله تعالى بها عباده، والعهد الذي أخذه عليهم.

وقال صاحب "التحرير": الأمانة في الحديث هي المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} (١)، وهي عين الإيمان؛ فإذا استمكنت الأمانة من قلب العبد .. قام حينئدٍ من أداء التكاليف، واغتنم ما يرد عليه منها، وجَدَّ في إقامتها.

قال علي القاري: الظاهر أن المراد بالعهد في كلام النووي: الميثاق؛ وهو الإيمان الفطري.


(١) سورة الأحزاب: (٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>