الكذاب؛ لأنه يدعي الألوهية؛ وهو صَاف بن صياد على الأصح (أعور عين اليسرى) أي: مطموسة عينه اليسرى، لا ترى شيئًا؛ ففيها عيب العمى.
وفي رواية ابن عمر عند مسلم:(ألا وإن الدجال أعور عين اليمنى) أي: معيبة ذاتها لا نورها، وفسرها في الحديث بقوله:(كأن عينه) اليمنى (عنبة طافية) تفسير لعورها؛ أي: سائل منها ماؤها؛ لأكل الطيور.
فيجمع بين الروايتين بأن معنى العور في رواية حذيفة: ذاهب ضوءها مطموس نورها، وفي حديث ابن عمر: معيبَة ذاتُها بسيلانِ الماء منها، وبكونها نَاتِئة مرتفعةَ الذاتِ مع إدراكها وإبصارها، فمعنى العور مختلِفٌ في الحديثين، فمعنى حديث حذيفة: عور عين يسراه؛ أي: مطموس ضوءها لا تبصر شيئًا، ومعنى حديث ابن عمر: عور عين يمناه؛ أي: مرتفعة سائلة الدموع مع إبصارها مرتفعة بارزة، على خلاف عادة أعين الناس، فكانها عنبة طافية من بين حبوب العنقود، سائلة الماء؛ لأكل الطيور وشقها عندما أرادت أكلها.
فلا معارضة حينئذٍ بين الروايتين؛ بدليل تفسير الراوي في حديث ابن عمر، فذهب بعض العلماء إلى ترجيح حديث ابن عمر على حديث حذيفة؛ بكثرة رواة حديثه، ولكن جمع القاضي عياض بينهما بأن كل واحدة من عيني الدجال معيبة عوراء، فإحداهما معيبة بذهاب ضوئها حتى ذهب إدراكها، والأخرى نتوءها. انتهى من "الإنجاز".
قال النووي: قوله: "عنبة طافية" روي بالهمز وتركه، وكلاهما صحيح؛ فالمهموز: هي التي ذهب نورها، وغير المهموز: التي نتات وطفت مرتفعة وفيها ضوء.