(يربطون خيلهم بالنخل) أي: بأصول النخل عند الشروع في الاقتتال؛ لأنهم لا فروسيَّةَ لهم، بل يقاتلون بأنفسهم، رَاجِع إلى (أصحابِ بَابَكَ الخُرَّميِّ) كما يستفاد من "فتح الباري" (٦/ ٢٠٤).
وقال القاضي عياض: معناه: أنهم يصنعون من الشعر حبالًا، ويصنعون منها نعالًا وثيابًا يلبسونها، ويحتمل أن تكون شعورهم كثيفة طويلة، فإذا سدلت .. فهي كاللباس، ولوصولها إلى الأرض والأرجل كالنعال. انتهى.
ثم الظاهر من هذه الأحاديث أن القوم (الذين وجوههم كالمجان المطرقة) غير (الذين نعالهم الشعر) لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر الطائفتين بكلام مستقل.
تؤيده رواية صالح عن الأعرج عند البخاري رقم (٢٩٢)، ولفظها:(لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين ذلف الأنوف؛ كأن وجوههم المجان المطرقة، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نِعَالُهم الشعرُ).
ولذلك ذكر بعض العلماء أن المراد من الأولين: الترك، ومن الأخيرين: أصحاب بابك الخرمي، وكان من طائفة من الزنادقة، استباحوا المحرمات، وقامت لهم شوكة كبيرة في أيام المأمون، وغلبوا على كثير من بلاد العجم؛ كطبرستان والري، إلى أن قتل الله بابك المذكور في أيام المعتصم، وكان خروجه سنة (٢٠١ هـ) وقتله الله سنة (٢٢٢ هـ).
وذكر الإسماعيلي من طريق محمد بن عباد قال: بلغني أن أصحاب بابك كانت نعالهم الشعر. انتهى "فتح الباري" (٦/ ٢٠٤).
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه ابن حبان في "صحيحه"