قال له: هل (عندك طهور) -بفتح الطاء- أي: ماء مطهر أتطهر وأتوضأ به؟ (قال) عبد الله في جواب سؤاله: (لا) أي: ما عندي شيء من الماء (إلا شيء) مختلط (من) ماء و (نبيذ) كائن ذلك الشيء (في إداوة) -بكسر الهمزة-: إناء صغير من جلد يُتخذ للماء، وجمعها: أداوي، وفي رواية زيد بن ثابت:(ما في إداوتك) أي: أي شيء في مطهرتك؟ قال عبد الله: في إداوتي نبيذ فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم النبيذ (تمرة طيبة) أي: طاهرة (وماء طهور) أي: مطهر، مختلطان فلا يضر اختلاطهما، ولا بأس في الوضوء به، فهات لي، فأعطيته (فتوضأ) منه، وأقام الصلاة فصلى بنا.
قال ابن ماجه:(هذا) اللفظ المذكور من الحديث لفظ (حديث وكيع)، وروايته عن أبيه، وأما عبد الرزاق .. فروى معناه عن سفيان بلفظ آخر.
قال ابن الهمام: ورواه ابن أبي شيبة مطولًا، وفيه:(هل معك من وضوء؟ قلت: لا، قال: فما في إداوتك؟ قلت: نبيذ تمر، قال: تمرة حلوة وماء طيب، ثم توضأ، وأقام الصلاة) انتهى. قال على القاري: اختلف العلماء في جواز التوضؤ بالنبيذ وعدم جوازه: فعند أبي حنيفة يتوضأ به ولا يتيمم، بشرط أن يكون حلوًا رقيقًا يسيل على الأعضاء كالماء، وما اشتد منه صار .. حرامًا لا يجوز التوضؤ به؛ لحديث عبد الله بن مسعود، فترك القياس بالنص، وبه قال الحسن البصري والأوزاعي، وقال عكرمة: هو وضوء من لم يجد الماء، كما في "المغني"، وعند أبي يوسف: يتيمم ولا يتوضأ به؛ وبه قالت الأئمة الثلاثة، وهي الرواية المرجوع إليها عند أبي حنيفة وقوله الأخير، وعليه الفتوى، واختاره الطحاوي وهو المذهب المصحّح المختار عندنا؛