يستفاد من هذا أن سلمان رضي الله تعالى عنه كان شديد الورع والزهد في الدنيا، ومع هذا فهو يبكي خوفًا من أن يكون ترك شيئًا عما عهد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فما بالك بمن كنز الآلاف، ولم يخطر بباله الموت، ولم يؤد زكاتها؟ ! نسأل الله السلامة والتوفيق.
قوله:(فاتق الله) أي: راقبه، واعلم أنه مطلع عليك خلوةً وجلوةً.
قوله:(عند حكمك إذا حكمت) أي: إذا كنت حاكمًا على الناس، أو قاضيًا بين اثنين في خصومة .. فاتق الله حتى لا تجور في حكمك.
(وعند قسمك إذا قسمت) والقسم - بفتح القاف وسكون السين -: هو القسمة وتمييز الأنصباء؛ يعني: إذا وكل إليك قسمة شيء .. فاتق الله عند ذلك؛ لتتحرى العدل في قسمتك.
(وعند همك إذا هممت) يعني: إذا هممت بفعل شيء وتوجهت إليه إرادتك .. فاتق الله عند ذلك، فإن كان في رضى الله .. فامض فيه.
(قال ثابت) بن أسلم بالسند السابق: (فبلغني) عن بعض من صاحب سلمان (أنه) أي: أن سلمان (ما ترك) من أمواله الكثيرة لأهله (إلا بضعة وعشرين درهمًا) تركها (من نفقة) أي: لأجل نفقة (كانت) ناجزة حالة مستقرة (عنده) قبل وفاته؛ والبضعة: الزيادة بين العقدين من ثلاثة إلى تسعة، والله أعلم.
وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هاشم.