للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

إصبعه هذه - وأشار يحيى) القطان (بالسبابة - في اليم) متعلقٌ بـ (يَجْعَل) أي: إلا قدر ما يعلق بالإصبع من الماء إذا جعل أحدكم إصبعه في اليم؛ أي: في البحر (فلينظر) أحدكم (بم يرجع) أي: بم يأخذ بإصبعه من ماء البحر إذا رفع إصبعه من البحر؛ ومعناه: لا يعلق بها كثير من الماء.

قال النووي: ومعنى الحديث: ما الدنيا بالنسبة إلى الآخرة في قصر مدتها، وفناء لذتها، ودوام الآخرة، ودوام نعيمها ولذاتها .. إلا كنسبة الماء الذي يعلق بالإصبع إلى باقي البحر.

وهذا التشبيه للتقريب إلى الأفهام، وإلا فالآخرة .. أعظم وأجل من البحر؛ لأن البحر مهما كان واسعًا، فإنه فانٍ متناهٍ، ونعيم الآخرة باقٍ غير متناهٍ. انتهى منه.

قال النووي: ضبطوا: (بم يرجع) بالتاء المثناة؛ فضمير الفاعل يعود على (الإصبع)، وبالمثناة تحت؛ فالضمير يرجع إلى (أحدكم) والأول أظهر وأشهر.

ويحتمل أنه تمثيل لنسبة مساحة الدنيا من مساحة الآخرة، وبين ذلك حديث: (أدنى أهل الجنة منزلةً .. من له مثل الدنيا وعشرة أمثالها)، ويحتمل أنه تمثيل لقلة نعيم الدنيا، وكثرة نعيم الآخرة، أو تمثيل لانقطاع نعيم الدنيا، ودوام نعيم الآخرة، ونسبة أمر الدنيا في ذلك كنسبة ما تعلق بالإصبع من الماء إلى ما بقي في البحر. انتهى منه.

وهذا الحديث شرح وتفسير لقوله تعالى: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} (١).


(١) سورة التوبة: (٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>