للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وصهيب الرومي وبلال الحبشي وابن مسعود وأضرابهم، ممن يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون بالتسبيح والتهليل وصالح الأعمال ابتغاء مرضاة الله، لا يريدون غرضًا من أغراض الدنيا، ولا شيئًا من لذاتها ونعيمها.

روي: (أن عيينة بن حصن الفزاري أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم، وعنده صلى الله عليه وسلم جماعة من فقراء أصحابه؛ منهم: سلمان الفارسي، وعليه شملة - أي: فوطة - قد عرق فيها، وبيده خوص يشقه، ثم ينسجه، فقال عيينة بن حصن لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أما يؤذيك يا محمد ريح هؤلاء الفقراء، ونحن سادات من أهل مضر وأشرافها، فإن أسلمنا .. أسلم الناس، وما يمنعنا من اتباعك إلا هؤلاء الفقراء، فنحهم عنك حتى نتبعك، أو اجعل لهم مجلسًا خاصًّا، فنزلت هذه الآية: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (١).

ومقالُ هؤلاء شَبيهٌ بمقالةِ قوم نوح عليه السلام: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (٢).

ثم أمره سبحانه بمراقبة أحوالهم فقال: ({وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ} أي: ولا تلتفت عيناك ولا تنصرف ولا تمل ({عَنْهُمْ}) إلى غيرهم من ذوي الهيئات والزينة، وهذا نهي للعَيْنَيْنِ؛ والمراد: صاحبُهما؛ يعني: نهيه عليه السلام من الازدراء بفقراء المسلمين لرثاثة زيِّهم؛ طموحًا إلى زي الأغنياء.

وقيل: معناه: لا تحتقرهم عيناك، حالة كونك يا محمد ({تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}) أي: تطلب مجالسة الأغنياء والأشراف وصحبة أهل الدنيا، وفي إضافة


(١) سورة الأنعام: (٥٢).
(٢) سورة الشعراء: (١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>