للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فقال: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ} (١) أي: واجعل يا محمد رجلين موصوفين بالصفات المذكورة فيما بعد من القرآن مثلًا وشبهًا لهؤلاء المشركين بالله الذين سألوك أن تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي، وللمؤمنين المكابدين لمشاقِّ الفَقْرِ؛ أي: مثل حال هؤلاء الكافرين، وحال المؤمنين الذين يدعون ربهم بالغداء والعشي، أي: مَثِّل حال هؤلاء الكافرين والمؤمنين بحال رجلين شريكين في بني إسرائيل؛ أحدهما كافر، اسمه قُطْرُوسُ، والآخر مؤمن اسمه يهوذا، لهما ثمانيةُ آلاف دينار، فاقتسماها، فاشترى أحدهما أرضًا بألف دينار، فقال صاحبه: اللهم؛ إن فلانًا قد اشترى أرضًا بألف دينار، وإني أشتري منك أرضًا في الجنة بألف دينار، فتصدق بها ... إلى آخر القصة التي ذكرناها في "الحدائق" فراجعه.

ثم بعد أن أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بضرب مثل الرجلين .. أمره بأن ضرب لهم مثل الحياة الدنيا عامةً بقوله: {وَاضْرِبْ لَهُمْ} أي: واذكر يا محمد لقومك المشركين {مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي: صفتها العجيبة في فنائها، وبيِّنْ لهم ما يشبهها في زهرتها ونضارتها وسرعة زوالها؛ لئلا يَطْمَئِنُّوا إليها، ويُعرضوا عن الآخرة بقوله: هي؛ أي: مثل الحياة وشبهها {كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ. . .} إلى آخر الآية (٢).

وقول خباب: (فإذا أراد أن يقوم .. قام وتركنا) أي: أنه بعد نزول قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ. . .} الآية (٣). . قد يتقدم علينا في القيام،


(١) سورة الكهف: (٣٢).
(٢) سورة الكهف: (٤٥).
(٣) سورة الأنعام: (٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>