(ولكن قل): هذا الأمر (قدر الله) سبحانه وتعالى؛ أي: هذا الشيء ما قدره علي في سابق علمه وكتبه علي، فلا بد من وقوعه، ولا ترده الأسباب والحيل (وما شاء فعل، وإياك واللَّوَّ؛ فإِنَّ اللوَّ تَفْتَحُ عملَ الشيطان).
(وما شاء الله) سبحانه وتعالى، وحكم في سابق علمه .. (فعل) في مخلوقاته لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه (وإياك واللو) أي: باعد نفسك عن قول: اللو؛ أي: عن قولك: لو أني فعلت كذا وكذا؛ وقاية عن ذلك الأمر .. ما أصابني كذا وكذا؛ من ذلك الأمر المكروه (فإن اللو) أي: فإن قولك: لو فعلت كذا ما أصابني كذا .. ، (تفتح عمل الشيطان) وَوَسْوَستَه.
و(لو) هنا كلمة: مفيدة لِلتمنِّي، وعمل المشيطان: هو اعتقاد أن الأمر منوط بتدبير العبد، وأن تدبيره هو المؤثر.
قال القاضي عياض: فالذي عندي في معنى هذا الحديث: أن النهي على ظاهره وعمومه، لكنه نَهْي تَنزيه لا تحريم، ويدل عليه قولُه - صلى الله عليه وسلم -: (فإِنَّ لو تفتح عملَ الشيطان) أي: يُلْقِي في القَلْبِ معارضة القَدَرِ ويُوَسْوِسُ به.
قال النووي: والظاهر أن النهي إنما هو عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه؛ فيكون نهي تنزيه لا تحريم، فأما ما قاله تأسفًا على ما فاته من طاعة الله تعالى أو ما هو متعذر عليه منها، ونحو ذلك .. فلا بأس به، وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث؛ كحديث: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت .. ما سقت الهدي".
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: الإمام مسلم في كتاب الإيمان، باب القدر، وسبق للمؤلف تخريجه هناك - أي: في كتاب الإيمان، باب القدر،