للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ

===

(إلا في) خصلتين (اثنتين) والمراد بالحسد هنا: الغبطة؛ وهي تَمنِّي حصولِ مثلِ النعمة التي أنعم الله بها على غيرك لنفسك من غير أن يتمنى زوالها من صاحبها؛ كأن يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي فلان .. لفَعلْتُ كما يفعل؛ كما جاء في رواية البخاري عن أبي هريرة، فإن كانت الغبطة في أمور الدنيا .. كانت مباحة، وإن كانت في طاعة .. كانت مستحبة.

وأصل الحسد: تَمنِّي زوال نعمة الغير عنه، ثم قد يكون مذمومًا وغير مذموم؛ فالمذموم: أن تتمنَّى زوال نعمة الله تعالى عن أخيك المسلم، سواء تمنَّيْتَ مع ذلك أن تعود إليك أم لا، وهذا النوعُ هو الذي ذَمَّهُ اللهُ تعالى بقوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (١).

وأما غير المذموم .. فقد يكون محمودًا؛ مثل: أن يتمنى زوال النعمة عن الكافر وعمن يستعين بها على المعصية، وأما الغبطة .. فهي أن تتمنى أن يكون لك من النعمة والخير مثل ما لغيرك، من غير أن تزول عنه.

والحرص على هذا يسمى منافسة، ومنه قوله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (٢).

غير أنه قد يطلق على الغبطة حسد، وعليه يحمل الحسد في هذا الحديث، فكأنه قال: لا غبطة أعظم وأفضل من الغبطة في هذين الأمرين، وقد نبه البخاري على هذا حيث بوب على هذا الحديث، باب الاغتباط في العلم والحكمة. انتهى من "المفهم".

إحداهما: خَصلةُ (رجل آتاه الله) أي: أعطاه (مالًا) كثيرًا (فسلطه)


(١) سورة النساء: (٥٤).
(٢) سورة المطففين: (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>