وذكر القرطبي رحمه الله تعالى أن الله سبحانه خلق الإنسان متوسطًا بين الملائكة والشياطين؛ فالملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون، والشياطين في شر وإغواء لا يألون في ذلك، أما الإنسان .. فجعله متلونًا؛ فله ساعات يذكر فيه ربه، وساعات يقضي فيها حوائجه، وإلى هذا أشار صاحب الشرع بقوله:"ولكن يا حنظلة ... " إلى آخره.
ودل هذا الحديث على أن كيفية الاستحضار الدائم والاستغراق في ذكر الله تعالى وإن كانت محمودة، ولكنها غير مقصودة، والمطلوب أن يباشر الإنسان أعمالًا صالحة، ويجتنب عن الحرام.
ودل الحديث أيضًا على أن الالتفات إلى حوائج الإنسان في معاشه ليس من النفاق، بل لو توجه إليه بنية أداء الحقوق، وتنشيط النفس للأعمال الصالحة صار هذا الالتفات داخلًا في ذكر الله تعالى، ولهذا قالوا: كل مطيع لله فهو ذاكر. انتهى من "الكوكب".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب التوبة، باب فضل دوام الذكر والفكر، والترمذي في صفة القيامة، باب رقم (٢٠).
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أم سلمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أم سلمة بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(٣٠) - ٤١٨٣ - (٤)(حدثنا العباس بن عثمان) بن محمد البجلي أبو الفضل (الدمشقي) المعلم، صدوق يخطئ، من كبار الحادية عشرة، مات سنة