الجاهلية؛ أي: في زمن جهلنا بالله وبرسوله وبشرائعه؛ يعني: قبل الإسلام؛ كالقتل والزنا والشرك، قال الأبي: والأظهر أن السائل حديث عهد بالإسلام؛ لأن جب الإسلام ما قبله .. كان من معالمِ الدين الَّتِي لا تُجْهَلُ. انتهى.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) في جواب سؤالهم: أما (من أحسن) وأخلص منكم (في الإسلام) والمراد بالإحسان هنا: الدخول في الإسلام ظاهرًا وباطنًا؛ بأن لم يكن إسلامه ظاهريًا، ولا إيمانه لسانيًا؛ والمعنى: من أخلص منكم إسلامه عن النفاق .. (لم يؤاخذ) أي: لا يطالب ولا يعاقب (بما كان) وحصل له (في) زمن (الجاهلية) من الشرك والمعاصي؛ لأن الإسلام الصحيح يجب ما قبله ويهدمه (ومن أساء) وأفسدَ وخلطَ في إسلامه وإيمانه ولم يُخْلِصهما لله تعالى؛ بأن كان إسلامه ظاهريًا، وإيمانه لسانيًا؛ بأن أظهر الإسلام وقلبه مستمرٌّ على كفره .. (أخذ) وطولب وعوقب (بـ) عمله (الأول) الذي عمله في الجاهلية (و) أخذ بعمله (الآخر) الذي عمله بعد إسلامه اللساني؛ أي: أخذ وعوقب بما عمله من الشرك والمعاصي قبل إظهاره بصورة الإسلام، وبما عمله بعد إظهارها؛ لأنه لم يزل مستمرًا على كفره، فلا ينفعه إسلامه الظاهريُّ.
قال النووي: والمراد بالإحسان هنا: الدخول في الإسلام بالظاهر والباطن جميعًا وأن يكون مسلمًا حقيقيًّا، فهذا يغفر له ما سلف في الكفر بنص القرآن والحديث الصحيح:"الإسلام يهدم ما قبله" وبإجماع المسلمين.
والمراد بالإساءة: عدم الدخول في الإسلام بقلبه، بل يكون منقادًا في الظاهر مظهرًا للشهادتين، غير معتقد للإسلام بقلبه، فهذا منافق باق على كفره بإجماع