(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا وضوء) كاملًا (لمن لم يذكر اسم الله) تعالى؛ يعني: التسمية (عليه) أي: على وضوئه ابتداء، أو في وسطه، أو في آخره إن نسي في أوله.
قال الدهلوي في كتابه "حجة الله البالغة": هذا الحديث نص على أن التسمية ركن أو شرط في الوضوء، ويحتمل أن يكون المعنى لا يكمل الوضوء، لكن لا أرتضي بمثل هذا التأويل؛ فإنه من التأويل البعيد الذي يعود على النص بالمخالفة على اللفظ. انتهى.
قلتُ: لا شك في أن هذا الحديث نص على أن التسمية ركن للوضوء، أو شرط له؛ لأن ظاهر قوله:(لا وضوء) أنه لا يصح ولا يوجد؛ إذ الأصل في النفي الحقيقة.
قال القاري في "المرقاة": قال القاضي: هذه الصيغة حقيقة في نفي الشيء، ويُطلق مجازًا على الاعتداد به؛ لعدم صحته؛ كقوله صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة إلا بطهور"، وعلى نفي كماله؛ كقوله صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" وها هنا محمولة على نفي الكمال، خلافًا لأهل الظاهر؛ لما روى ابن عمر وابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال:"من توضأ وذكر اسم الله .. كان طهورًا لجميع بدنه، ومن توضأ ولم يذكر الله عليه .. كان طهورًا لأعضاء وضوئه"، والمراد بالطهارة: الطهارة من الذ نوب؛ لأن الحدث لا يتجزأ. انتهى.
قلت: حديث ابن عمر وابن مسعود هذا .. ضعيف، رواه الدارقطني والبيهقي من حديث ابن عمر، وفيه أبو بكر الداهري عبد الله بن الحكم، وهو متروك ومنسوب إلى الوضع، ورواه الدارقطني والبيهقي أيضًا من حديث أبي هريرة،