للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَوْ أَنَّ حَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمْ، وَأَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمُ اجْتَمَعُوا فَكَانُوا عَلَى قَلْبِ أَتْقَى عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي .. لَمْ يَزِدْ فِي مُلْكِي جَنَاحُ بَعُوضَةٍ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا فَكَانُوا عَلَى قَلْبِ أَشْقَى عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي .. لَمْ يَنْقُصْ مِنْ مُلْكِي

===

طباعهم .. لضلوا، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق الخلق في ظلمة، ثم رَشَّ عليهم من نوره" وهو لا ينافي قوله عليه الصلاة والسلام: "كل مولود يولد على الفطرة" فإن المراد بالفطرة: التوحيد، والمراد بالضلالة: جهالة تفصيل أحكام الإيمان وحدود الإسلام، ومنه قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} (١).

(ولو أن حيكم وميتكم، وأولكم وآخركم) أراد به: الإحاطة والشمول (ورطبكم ويابسكم) أي: شبابكم وشيوخكم، وعالمكم وجاهلكم، أو مطيعكم وعاصيكم، وفي رواية: (وإنسكم وجنكم).

قال الطيبي: هما عبارتان عن الاستيعاب التام؛ كما في قوله: {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (٢)، والإضافة إلى ضمير المخاطبين تقتضي أن يكون الاستيعاب في نوع الإنسان فيكون تأكيدًا للشمول بعد تأكيد، وتقريرًا بعد تقرير (اجتمعوا) وتوافقوا في الهداية.

(فكانوا) في هدايتهم (على) صفة (قلب أتقى عبد من عبادي) وهو نبينا صلى الله عليه وسلم .. (لم يزد في مُلْكي جناحُ بعوضة) بالرفع فاعل لـ (يزد) أي: لم يزد بسبب اتفاقكم على التقوى قدر جناح بعوضة ومثقاله (ولو اجتمعوا) وتوافقوا؛ أي: كل من ذكر في الشقاوة (فكانوا على) شقاوة (قلب أشقى عبد من عبادي) وهو إبليس اللعين .. (لم ينقص من ملكي) بسبب


(١) سورة الضحى: (٧).
(٢) سورة الأنعام: (٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>