للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الجزري في "النهاية": المراد بلقاء الله هنا: المصير إلى الدار الآخرة، وطلب ما عند الله تعالى، وعدم الركون إلى الدنيا، والرضا بحياتها والاطمئنان بها، وليس الغرض به الموت؛ لأن كلًّا يكرهه، فمن ترك الدنيا وأبغضها .. أحب لقاء الله، ومن آثرها وركن إليها .. كره لقاء الله تعالى؛ لأنه إنما يصل إليه بالموت.

وقوله: (دون لقاء الله) يبين أن الموت غير اللقاء، ولكنه معترض دون الغرض المطلوب، فيجب أن يصبر عليه ويتحمل مشاقه حتى يصل بعده إلى الفوز باللقاء.

قال الطيبي: يريد: أن قول عائشة: (إنا لنكره الموت) يوهم أن المراد بـ (لقاء الله) في الحديث: (الموت) وليس كذلك؛ لأن لقاء الله غير الموت؛ بدليل قوله في الرواية الأخرى: (والموت دون لقاء الله) فلما كان الموت وسيلة إلى لقاء الله .. عبر عنه بلقاء الله.

قال الحافظ في "الفتح " (١١/ ٣٦٠): وقد سبق ابن الأثير إلى تفسير لقاء الله بغير الموت .. الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام، فقال: ليس وجهه عندي كراهية الموت وشدته؛ لأن هذا لا يكاد يخلو عنه أحد، ولكن المذموم من ذلك إيثار الدنيا والركون إليها، وكراهية أن يصير إلى الله تعالى والدار الآخرة، قال: ومما يبين ذلك أن الله تعالى عاب قومًا بحب الحياة، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا} (١).

قلت: الصواب في معنى الحديث: ما فسره به قائله صلى الله عليه وسلم؛ وهو أن هذه المحبة محمولة على حالة النزع والاحتضار والمعاينة.


(١) سورة يونس: (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>