وبقي عليه شيء مما يستحق العذاب عليه .. (فما بعده أشد منه) لأن النار أشد العذاب، فما يحصل للميت في القبر عنوان ما يصير إليه.
(قال) أي: عثمان: (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأيت) في الدنيا (منظرًا) أي: موضعًا ينظر إليه من الشدائد (قط .. إلا والقبر أفظع منه) من فظع - بالضم - ككرم؛ أي: أشد وأشنع وأنكر من ذاك المنظر، قيل: المستثنى جملة حالية، وهو موصوف حذفت صفته فتخصص بها؛ أي: ما رأيت منظرًا فظيعًا على حالة من أحوال الفظاعة قط، إلا في حالة كون القبر أفظع وأقبح منه، فالاستثناء مفرغ. انتهى "إنجاز الحاجة".
قال السندي: وحيث خصصنا بمنظر الدنيا اندفع ما يتوهم أن هذا ينافي قوله: (فما بعده أشد منه) على أنه يمكن الجواب إذا عمم بأنه أفظع من جهة الوحشة والوحدة، وغيرُهُ كالمسألة أشدُّ عذابًا منه، فلا إشكال. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الزهد، باب (٥) فظاعة القبر وأنه أول منازل الآخرة، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث هشام بن يوسف، والحاكم في "المستدرك" في كتاب الجنائز، والبيهقي في "الكبرى" في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند الدفن.
ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث آخر له رضي الله تعالى عنه، فقال: