قوله:(غرًا) جمع أغر؛ أي: بيض الوجوه (محجلين) أي: بيض الأيدي والأرجل، تلك (سيماء أمتي) أي: علامات أمتي يتميزون بها عن سائر الأمم (ليسـ) ـت تلك العلامة (لأحد) من الأمم (غيرها) أي: غير أمتي (والسيماء) يمد ويهمز، ويقصر ويترك همزه؛ كما في القران الكريم لغتان فيه، ويقال فيه أيضًا: السيمياء بياء بعد الميم مع المد؛ وهي على كل اللغات: العلامة التي تميز الشيء عن غيره.
وهذ الحديث نص صريح على أن (الغرة) و (التحجيل) من خواص هذه الأمة، ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم: "هذا وضوئي ووضوء من قبلي" رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٨٠) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما؛ لأن الخصوصية بالغرة والتحجيل لا بالوضوء، وهما فضل من الله تعالى يخص به من يشاء من عباده. انتهى من "المفهم"، وعبارة النووي هنا: وقد استدل جماعة من أهل العلم بهذا الحديث على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة.
وقال آخرون: ليس الوضوء مختصًا بهم، وإنما الذي اختصت به هذه الأمة (الغرة) و (التحجيل) واحتجوا بحديث: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي".
وأجاب الأولون عن هذا الحديث بجوابين؛ أحدهما: أنه حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج به على ما قالوا، والثاني: لو صح .. احتمل أن يكون الأنبياء اختصت بالوضوء دون أممهم، إلا هذه الأمة، والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الإمام مسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء.