للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"إِنَّكُمْ وَفَّيْتُمْ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ".

===

إنكم) أيتها الأمة المحمدية (وفيتم) أي: أتممتم وكملتم عدد الأمم التي قبلكم كاملين وافين عددهم مكملين لهم (سبعين أمة) أي: ستكملون عدد فرقهم يوم القيامة سبعين فِرقةً و (أنتم) أي: والحال أنكم أيتها الأمة المحمدية (خيرها) أي: خير تلك السبعين نفعًا لأنفسهم ولغيرهم (وأكرمها) أي: أشرفها (على الله) سبحانه؛ أي: عند الله؛ أي: أرفع تلك السبعين عند الله تعالى من حيث النفع والانتفاع في الدنيا والآخرة.

وفي الحديث دلالة على أن المراد بقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} أمة النبي صلى الله عليه وسلم عامة.

قال ابن كثير: يخبر الله تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم، فقال تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: كنتم خير أمة أخرجت للناس، قال: (كنتم خير الناس للناس) أي: تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا الإسلام، وهكذا قال ابن عباس ومجاهد وعطية العوفي وعكرمة وعطاء والربيع بن أنس: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} يعني: خير الناس للناس؛ والمعنى: أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس، ولهذا قال: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (١).

وروى أحمد في "مسنده"، والنسائي في "سننه"، والحاكم في "مستدركه" عن ابن عباس في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، قال: هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.

والصحيح: أن هذه الآية عامة في جميع الأمة، كل قرن بحسبه، وخير القرون


(١) سورة آل عمران: (١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>