منها) أي: من تلك المئة (رحمة) واحدة (بين جميع الخلائق) أي: بين الإنس والجن والبهائم والهوام؛ كما هو مصرح في رواية مسلم؛ أي: بين المواشي والدواب والسباع والطيور والهوام وحشراتها من الحيات والعقارب والأوزاغ (فبها) أي: فبتلك الرحمة الواحدة (يتراحمون) أي: يرحم الخلائق بعضهم بعضًا (وبها) أي: بتلك الواحدة (يتعاطفون) أي: يتشافقون؛ أي: يعطف ويشفق، وهو بمعنى ما قبله، كرره؛ للتأكيد، أو العَطْفُ: شِدَّةُ الرحمةِ (وبها) أي: وبتلك الواحدة التي أنزل بها في الأرض (تعطف الوحش) أي: أنواعها (على أولادها) وفي رواية مسلم زيادة: (حتى ترفع الدابَّة حافرها عن ولدها؛ خَشيَةَ) أي: مخافة (أن تُؤْذِيَه) بذلك الحافر الذي وقع عليه.
وفي رواية البخاري:(حتى يرفع الفرس حافره ... ) إلى آخره، قال المناوي: والحافر يكون للفرس وغيره من البغال والحمير والبرذون، وإنما خص الفرس بالذكر؛ لأنه أشد الحيوان المالوف إدراكًا. انتهى.
(وأخر) الله عزَّ وجلَّ من تلك المئة المجزأة (تسعة وتسعين رحمة) مدخرة إلى الآخرة (يرحم بها) أي: بتلك الباقية (عباده) المؤمنين (يوم القيامة) خاصة بهم.
ويدل هذا الحديث على كثرة رحمة الله تعالى وقلة غضبه؛ لأن الرحمة عامة للمؤمن والكافر، والغضب خاص بالكافر.
وقوله: "وأخر تسعة وتسعين" وفي رواية مسلم: (وخبأ) أي: ادخر، وهو كناية عن الإمساك والإبقاء عنده للآخرة.