قوله:"إن لله مئة رحمة" ذهب الكرماني إلى أن ذكر (المئة) إنما جرى على سبيل التمثيل؛ تسهيلًا للفهم، وتقليلًا لما عند الخلق، وتكثيرًا لما عند الله سبحانه، وإلا .. فرحمة الله تعالى غير متناهية.
وذكر المهلب ما يفيد أن الرحمة رحمتان: رحمة من صفة الذات؛ وهي لا تتعدد ولا تتجزأ، ورحمة من صفة الفعل؛ وهي المشار إليها ها هنا.
وقال الطيبي رحمه الله تعالى: رحمة الله لا نهاية لها، فلم يرد بما ذكره تحديدًا لها، بل تصويرًا للتفاوت بين قسط أهل الإيمان منها في الآخرة، وقسط عامة المربوبين في الدنيا.
وقال في "اللمعات": لعل المراد: أنواعها الكلية التي تحت كلّ نوع منها أفراد غير متناهية، أو ضرب المثل لبيان المقصود من قلة ما عند الناس وكثرة ما عند الله تقريبًا إلى فهم الناس، أو هو من قبيل قوله:(إن لله تسعة وتسعين اسمًا، من أحصاها .. دخل الجَنَّة) أن الحصر باعتبار هذا الوصف، فافهم.
قال القرطبي: مقتضى هذا الحديث: أن الله عَلِم أنواع النعم التي ينعم بها على خلقه مئة نوع، فأنعم عليهم في هذه الدنيا بنوع واحد، انتظمت به مصالحهم، وحصلت به مرافقهم، فإذا كان يوم القيامة .. كمل لعباده المؤمنين ما بقي، فبلغَتْ مئةً، وكُلُّها لِلمُؤْمِنينَ، وإليه الإشارة بقوله تعالى:{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}(١)؛ فإن رحيمًا من أبنية المبالغة التي لا شيء فوقها، ويفهم من هذا أن الكُفَّار لا يَبْقَى لهم حظ من الرحمة، لا من جنس رحمات الدنيا، ولا من غيرها؛ إذ كلّ ما كان في علم الله تعالى من الرحمات