(وحق العباد على الله) تعالى على سبيل التفضل والإحسان إليهم، لا على سبيل الإلزام والوجوب عليه (إذا فعلوا) أي: فعل العباد (ذلك) المذكور من عبادته وحده، وعدم الإشراك به شيئًا من المخلوقات (أن) يرحمهم و (لا يعذبهم) بغير استحقاق منهم للعذاب.
قوله: "ما حق الله على العباد" قال الطيبي (١/ ٢٥٢): الحق نقيض الباطل؛ لأنه ثابت، والباطل زائل، ويستعمل في الواجب واللازم والجدير والنصيب والمِلْك، وحق الله تعالى بمعنى: الواجب واللازم، وحق العباد بمعنى: الجدير؛ لأن الإحسان إلى من لَمْ يتخذ ربًا سواه .. جَدِيرٌ في الحكمة أن يفعله، هذا الوَجْهُ، قاله الطيبي.
وقيل: حق العباد على الله تعالى هو ما وعدهم به من الثواب والجزاء، ومن صفة وعده أن يكون واجب الإنجاز، فهو حق بوعدهِ الصدق وقولِه الحق الذي لا يجوز عليه الكذب في الخبر، ولا الخُلْفُ في الوعد.
أو المراد: أنه كالواجب تحققه وتأكُّدُه.
وقيل: حقهم على الله؛ على جهة المقابلة والمشاكلة لحقه عليهم؛ فالله تعالى لا يجب عليه شيء بحكم الأمر؛ إذ لا أمر فوقه، ولا حكم للعقل؛ لأنه كاشف لا موجب.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: وتمسك بعض المعتزلة بظاهره، ولا متمسك لهم مع قيام الاحتمال.
قوله:(قال) رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ: (فإن حق الله على العباد) يحتمل كون الفاء فيه للإفصاح؛ لأنَّها أفصحت عن جواب شرط مقدر؛ تقديره: فإذا فوضت علم ذلك إِليَّ .. فأقولُ لك: اعلم أن حق الله على