ومكافأتكم لي عليه بالحفظ؛ وذالك الحديث:(إنكم تقدمون) -بضم أوله وكسر ثالثه- من الإقدام؛ أي: تهجمون وتحضرون (على قوم للقرآن) أي: لتلاوته (في صدورهم هزيز) -بفتح الهاء وبزايين معجمتين- كأزيز وزنًا ومعنىً؛ أي: صوت كـ (هزيز المرجل) وصوته، والمرجل -بكسر الميم-: إناء يغلي فيه الماء سواء كان من نحاس أو غيره، وله صوت عند غليان الماء فيه، وفي بعض النسخ: كهزيز النحل؛ أي: كصوته عند اجتماعه في الليل في الكوارة؛ وهو ذباب العسل، والمراد: لهم إقبال على تلاوة القرآن واعتناء بها.
(فإذا رأوكم) وأبصروكم .. (مدوا إليكم أعناقهم) وبسطوها للأخذ عنكم وتسليمًا للأمر إليكم وتحكيمًا لكم، (وقالوا) أي: قال بعضهم لبعض: جاء (أصحاب محمد) صلى الله عليه وسلم، فخذوا عنهم الحديث، وإذا رأيتموهم كذلك .. (فأقلوا) أي: قللوا (الرواية) والتحديث لهم (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: لا تُكثروا في الرواية لهم؛ نظرًا إلى كثرة طلبهم وشوقهم في الأخذ عنكم؛ تعظيمًا لأمر الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم ليسوا أهلًا للحديث وحفظه، وبهذا التعليل وافق الحديث الترجمة، أو لئلا يشتغلوا بذالك عن العظة، (وأنا شريككم) في الأجر بسبب كوني دالًا لكم على الخير وباعثًا لكم على حفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من نشره في غير موضعه.
وهذا الأثر انفرد به ابن ماجه، ولم يشاركه في روايته أحد من أصحاب الأمهات، ولكن ذكره الدارمي في "سننه"(١/ ٨٥).