وهذا السند من سداسياته، رجاله كوفيون إلا علي بن أبي طالب؛ فإنه مدني، وحكمه: الصحة.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حدث) وروى (عني حديثًا) لم أقله، ولم أفعله، ولم أقرره، (وهو) أي: والحال أن ذلك المحدث (يرى) - بضم الياء وفتحها- أي: يعلم أو يظن (أنه) أي: أن ذلك الحديث (كذب) أي: موضوع لم يقع من النبي صلى الله عليه وسلم .. (فهو) أي: ذلك المحدث (أحد الكاذبين) عليَّ.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به.
قوله:"وهو يرى" -بضم الياء- أي: يظن، قال النواوي: وذكر بعض الأئمة جواز فتح الياء من (يرى)، ومعناه: يعلم، ويجوز أن يكون بمعنى يظن أيضًا؛ فقد حكي رأى بمعنى ظن.
قلت: اعتبار الظن أبلغ وأشمل؛ فهو أولى، قال النووي: وقيد بذلك؛ لأنه لا يأثم إلا برواية ما يعلمه أو يظنه كذبًا، وأما ما لا يعلمه ولا يظنه .. فلا إثم عليه في روايته، وإن ظنه غيره كذبًا أو علمه.
قلت: وهذا يدل على أنه لا إثم على من يروي وهو في شك في كونه صادقًا أو كاذبًا، وكذا من يروي وهو غافل عن ملاحظة الأمرين، والأقرب أن الحديث يدل مفهومًا على أن غير الظان لا يعد من جملة الكاذبين عليه صلى الله عليه وسلم، وأما أنه لا ياثم .. فلا، فليتأمل. انتهى "السندي".