من الدسومة الغليظة، (ولا توضؤوا) أي: لا تغسلوا أيديكم (من) أكل (لحوم الغنم) لخفة دسومتها، وهذا التفسير على مذهب الجمهور الذي يؤولون الوضوء بغسل الأيدي، والراجح دليلًا عدم التأويل؛ كما هو مذهب أحمد وإسحاق ومن وافقهما، كما مر بسط الكلام فيه.
(وتوضؤوا) أي: مضمضوا فمكم (من) شرب (ألبان الإبل) لغلظ دسومتها، (ولا توضؤوا) أي: لا تمضمضوا فمكم (من) شرب (ألبان الغنم) لخفة دسومتها، (وصلوا في مراح الغنم) أي: مأواها في الليل؛ لأنها هادئة لا تشوش المصلي، (ولا تصلوا في معاطن الإبل) لشدة نفارها وكثرة صياحها؛ فقد يؤدي ذلك إلى بطلان الصلاة، أو قطع الخشوع.
قال السندي: ومراح الغنم: مأواها ليلًا، ومرابض الغنم: مباركها عند الماء، وكلاهما تجوز الصلاة فيه بلا كراهة، ومرابض الغنم: جمع مربض - بفتح الميم وكسر الباء الموحدة آخرها ضاد معجمة - قال الجوهري: المرابض كالمعاطن للإبل، قال: ورُبوض الغنم والبقر والفرس مثل بروك الإبل وجثوم الطير، والمعاطن جمع معطن؛ وهو مبرك الإبل حول الماء، يقال: برك الإبل بروكًا إذا وقع على بركه وهو صدره، كذا في "المصباح"، قال الجوهري: برك الإبل يبرك بروكًا من باب (قعد) إذا استناخ، والنهي عن الصلاة في معاطنها .. للكراهة، وكُرهت فيها؛ لما لا يؤمن من نفارها، فيلحق المصلي ضرر من صدمته وغيرها، فلا يكون له حضور القلب.
ومعنى الحديث: أن الغنم ليس فيها تمرد ولا شرود، بل هي ضعيفة، وفيها سكينة، فلا تؤذي المصلي، ولا تقطع صلاته؛ فهي ذات بركة وسكينة، فصلوا