أن الجرح مقدم على التعديل، واتفق الحفاظ على تضعيفه؛ أي: على تضعيف حديث الباب، ولا يقبل قول الترمذي: إنه حسن صحيح. انتهى.
فإن الترمذي قد يُحسن الحديث مع تصريحه بالانقطاع، وكذا مع تصريحه بضعف بعض رواته، ثم تساهل الترمذي مشهور، فلا يُقبل تحسينه وتصحيحه لهذا الحديث؛ لمخالفته لما عليه الجمهور من تضعيف حديث الباب.
والحاصل: أنه ليس في باب المسح على الجوربين حديث مرفوع صحيح خالٍ عن الكلام، هذا ما عندي. انتهى "تحفة الأحوذي"، فحديث الباب وهو (أنه صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين) .. حديث منكر، أنكره الجمهور؛ لأن المحفوظ عن المغيرة أنه صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح السند، منكر المتن (١٤)(٨٦)، وغرضه بسوقه: الاستئناس به.
قلت: الأصل هو غسل الرجلين كما هو ظاهر القرآن، والعدول عنه لا يجوز إلا بأحاديث صحيحة اتفق على صحتها أئمة الحديث كأحاديث المسح على الخفين، فجاز العدول عن غسل القدمين إلى المسح على الخفين بلا خلاف، وأما أحاديث المسح على الجوربين والنعلين .. ففي صحتها كلام عند أئمة الفن كما عرفت، فكيف يجوز العدول عن غسل القدمين إلى المسح على الجوربين مطلقًا، وإلى هذا أشار الإمام مسلم رحمه الله تعالى بقوله: لا يُترك ظاهر القرآن ونصه بمثل قول أبي قيس وهزيل. انتهى من "التحفة".
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا للترجمة بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، فقال: