وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه: أن فيه رواية صحابي عن صحابي.
(قال) جبير بن مطعم: (تماروا) أي: تمارت الأصحاب وتكلموا (في) كيفية (الغُسل من الجنابة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: تمارت الأصحاب في كم مرة يُفاض الماء على الرأس في الغُسل من الجنابة، حالة كونهم جالسين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بعض القوم: أما أنا إن سألتموني عن كيفية غُسلي .. فإني أغسل رأسي غُسلًا صفته كذا وكذا، وقال آخرون: تغسله كذا وكذا، كما في رواية مسلم.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنا) إن سألتموني عن كيفية غسل رأسي .. (فـ) إني (أُفيض) وأصب الماء (على رأسي ثلاث أكف) جمع كف بمعنى حفنة، أي: ثلاث حفنات، والحفنة: ملء الكفين المجموعتين من الماء أو غيره؛ كالدقيق والحب. انتهى "كوكب".
قوله:"أما أنا" قال السندي: بفتح الهمزة وتشديد ميم (أما) فهي حرف تفصيل، فلا بد لها من مقابل، ومقابلها ما يُفهم من المقام، كما قدرناه، أي: أما أنتم .. فكما قلتم، وأما أنا .. فإني أُفيض -بضم الهمزة- من الإفاضة؛ وهو صب الماء بكثرة، والمقصود من الكل استيعاب المرة لا التكرار، كما سبق التنبيه عليه، ويدل على أن المراد الصب على الرأس آخر الكلام. انتهى منه.
وفي هذا الحديث: استحباب إفاضة الماء على الرأس ثلاثًا، وهو متفق عليه، وألحق به أصحابنا سائر البدن قياسًا على الرأس وعلى أعضاء الوضوء، وهو أولى بالثلاث من الوضوء، فإن الوضوء مبني على التخفيف ويتكرر، فإذا