وهذان السندان من خماسياته؛ ثلاثة من رجالهما بصريون، وواحد مكي، وواحد مدني، وحكمهما: الصحة، ومن لطائف هذين السندين أن فيه رواية تابعي عن تابعي؛ أيوب عن ابن أبي مليكة.
(قالت) عائشة: (تلا) وقرأ (رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية) وهي قوله تعالى: ({هُوَ}) سبحانه ({الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ}) يا محمد ({الْكِتَابَ}) العزيز ({مِنْهُ}) أي: بعضه ({آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ}) أي: واضحات الدلالة ({هُنَّ}) أي: تلك المحكمات ({أُمُّ الْكِتَابِ}) أي: أصل الكتاب في الاستدلال بها على الأحكام، ({وَ}) منه آيات ({أُخَرُ}) جمع أخرى ({مُتَشَابِهَاتٌ})؛ أي: غير واضحات الدلالة في الأحكام؛ كفواتح السور من الحروف المقطعة، والحكمة في إنزالها الإعجاز لا الدلالة على الأحكام.
وقوله:(إلى قوله) تعالى متعلق بتلا؛ أي: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية إلى أن وصل قوله: ({وَمَا يَذَّكَّر}) أي: يتعظ بآياتنا ({إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ})(١)؛ أي: إلا أصحاب العقول الكاملة السليمة من شوائب الكفر والنفاق، (فقال: يا عائشة) معطوف على تلا؛ (إذا رأيتم الذين يجادلون فيه) أي: الذين يعارضون في القرآن بدفع المحكمات وردها بالمتشابهات ..