أي: والحال أنه (باطل) أي: مازح، والجملة حال من فاعل (ترك) أي: من يترك الكذب حتى في المزاح، والمزاح: المداعبة والهزل؛ وهو قصد اللفظ من الكلام دون المعنى .. (بني) بالبناء للمفعول (له) أي: لذلك التارك (قصر في ربض الجنة) أي: في طرفها (ومن ترك المراء) -بكسر الميم والمد- أي: الجدال والنزاع خوفًا من أن يقع صاحبه في اللجاج الموقع في الباطل، (وهو) أي: والحال أنه (محق) أي: على الحق في جداله .. (بني له) قصر (في وسطها) أي: في وسط الجنة، (ومن حسن) من التحسين (خلقه) أي: أخلاقه مع الناس بأن يرحم الصغير ويعظم الكبير .. (بني له) قصر (في أعلاها) أي: في أعلى الجنة.
قوله: "من ترك الكذب" يحتمل أن المراد بالكذب المراء بالباطل، وجملة قوله: "وهو باطل" بتقدير: ذو باطل حال من فاعل (ترك) أي: وهو مبطل، عبر بالكذب للتنبيه من أول الأمر على البطلان، وإلى هذا يشير كلام ابن العربي في "شرح الترمذي"، ويحتمل أنه على ظاهره، وجملة وهو باطل حال من الكذب، وهو الذي ذكره ابن رجب في "شرح الكتاب"، قال: هي جملة حالية؛ أي: حالة كونه باطلًا، ففي "البخاري" و"مسلم": أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس بكذاب من يصلح بين الناس فيقول خيرًا، وينمي خيرًا"، ورخص في الكذب في ثلاث: في الحرب، وإصلاح ذات البين، وكذب الرجل على امرأته. انتهى.
قلت: روى أبو داوود عن أبي أمامة مرفوعًا: "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب