من الإبراد؛ وهو الدخول في البرد، والباء للتعدية، والمراد بها: صلاة الظهر، كما جاء صريحًا في الروايات الأخرى، والمعنى: أدخلوها في البرد وأخروها عن شدة الحر في أول الزوال، وكان حد التأخير غالبًا أن يظهر الفيء للجدار بعد انعدامه.
(فإن شدة الحر من فيح جهنم) أي: من فورانها وغليانها؛ أي: فيه مشقة مثل فيح جهنم وحرارتها، وقيل: خرج الكلام مخرج التشبيه والتقريب؛ أي: كأنه نار جهنم في الحر، فاحذروها واجتنبوا ضررها. انتهى "سندي".
فإن قلت: ظاهر الحديث يقتضي وجوب الإبراد.
أُجيب عنه: بأن القرينة صرفته عن الوجوب إلى الندبية؛ لأن العلة فيه دفع المشقة عن المصلي لشدة الحر، فصار من باب الشفقة والنفع.
فإن قلت: ما كيفية الجمع بين هذا الحديث وبين حديث خباب: (شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء، فلم يُشكنا) أي: لم يزل شكوانا؟
أُجيب: بأن الإبراد رخصة، والتقديم أفضل، أو هو منسوخ بأحاديث الإبراد، والإبراد مستحب لفعله صلى الله عليه وسلم له وأمره به، أو حديث خباب محمول على أنهم طلبوا زائدًا على قدر الإبراد؛ لأنه بحيث يحصل للحيطان ظل يمشي فيه. انتهى "قسطلاني".
قوله:(إذا اشتد الحر) قال في "الفتح": أصله اشتدد بوزن افتعل من الشدة، ثم أُدغمت إحدى الدالين في الأخرى، ومفهومه: أن الحر إذا لم يشتد .. لم يشرع الإبراد، وكذا لا يشرع في البرد من باب الأولى.
قوله:(فأبردوا) بقطع الهمزة وكسر الراء؛ أي: أخروا إلى أن يبرد الوقت،