للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَمَا شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى".

===

(كما شغلونا عن) فعل (الصلاة الوسطى) أي: الفضلى وهي صلاة العصر، قال السندي: قوله: (ملأ الله. . .) إلى آخره، دعاء عليهم؛ لأنهم شغلوه عن الصلاة هي حق الله تعالى، وقال هذا حين حُبس عن صلاة العصر، فهذا الحديث صريح في أن الوسطى هي العصر ولا يساويه سائر الأحاديث الدالة على خلاف ذلك، وكانت هذه الغزوة سنة أربع من الهجرة، وقيل: سنة خمس.

والضمير في قوله: "ملأ الله بيوتهم وقبورهم. .. " إلى آخره، بمعنى الكل، لا بمعنى الكلية؛ لأنه قد آمن منهم كثير، وهذا الحديث دعاء بعذاب الدارين؛ من خراب بيوتهم في الدنيا، فتكون النار استعارة للفتنة، ومن اشتعال النار في قبورهم، ذكره ابن الملك عن شارح "المشكاة والكاف في قوله: "كما شغلونا عن الصلاة الوسطى". . للتعليل؛ كما في قوله تعالى: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (١) أي: لمنعهم إيانا عن أداء الصلاة الوسطى، وشغلهم إيانا بحربهم حتى غابت الشمس وغربت قبل صلاتنا إياها.

قال القاضي عياض: ولفظ شغلونا ظاهر في أنه نسيها لشغله بالعدو أو بكونه أخرها قصدًا لشغله بذلك، ولم تكن صلاة الخوف شُرعت حينئذ؛ لأنها إنما أُنزلت في غزوة ذات الرقاع، فهي ناسخة لهذا، وقد بسطنا الكلام على الصلاة الوسطى في "شرح مسلم"، وفي "حدائق الروح والريحان"، فراجعهما إن شئت.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع في كتاب المغازي، وفي كتاب التفسير، وفي كتاب الدعوات، ومسلم في كتاب المساجد،


(١) سورة القصص: (٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>