(قال) ابن عمر: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تغلبنكم الأعراب) يقال: غلبه على كذا إذا غصبه منه، والأعراب -بفتح الهمزة-: سكان البوادي، والأعرابي: من كان من أهل البادية ولو كان أعجميًا، والعربي: شخص منسوب إلى العرب، وإن لم يكن بدويًا، وبينهما فرق؛ أي: لا تغلبنكم الأعراب (على اسم صلاتكم) أي: على تسمية صلاتكم بالعتمة دون الاسم الذي ذكر الله تعالى لها في كتابه العزيز حيث قال: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ}(١).
والأعراب يسمونها بالعتمة، فلا تكثروا استعمال ذلك الاسم في تسمية صلاتكم؛ لما فيه من غلبة الأعراب عليكم، بل أكثروا استعمال اسم العشاء موافقة للقرآن، فالمراد: النهي عن إكثار اسم العتمة، لا عن استعماله أصلًا، فاندفع ما يتوهم من التنافي بين أحاديث المنع والثبوت في استعمالاته؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلمون ما في الصبح والعتمة .. لأتوهما ولو حبوًا"؛ (فإنها) أي: فإن الصلاة التي غلبتكم الأعراب في اسمها (العشاء) الآخرة.
والمعنى: لا تغصب منكم الأعراب اسم العشاء وتعوض منه اسم العتمة، فالنهي في الظاهر للأعراب، وفي الحقيقة لهم، فهي نهي لهم عن اتباع الأعراب في تسميتهم إياها عتمة؛ لأن الله سبحانه وتعالى سماها عشاء، وتسمية الله تعالى أولى من تسمية جهلة الأعراب. انتهى من "الأبي".
(وإنهم) أي: وإن الأعراب (يعتمون) -بضم الياء- من أعتم الرباعي إذا