دخل في العتمة؛ وهي الظلمة؛ أي: يؤخرون الصلاة ويدخلون في ظلمة الليل بسبب الإبل وحلبها، قوله:(بالإبل) أي: بسبب انشغالهم بالإبل وحلابها، فيسمونها صلاة العتمة؛ لدأب تأخيرهم إياها بسبب اشتغالهم بالإبل في أول وقتها، فسموا أنتم العشاء باسمها الذي في كتاب الله تعالى وهو العشاء، واعتادوا هذه التسمية؛ حتى لا يغلب اصطلاحهم الجاهلي على اصطلاحكم الإسلامي. انتهى "كوكب".
قال بعضهم: إن تلك الحلبة إنما كانوا يعتمدونها في زمان الجدب خوفًا من السؤال والصعاليك، فعلى هذا فهي فعلة دنيوية مكروهة، ينبغي ألا تطلق على فعلة دينية محبوبة. انتهى.
قال القرطبي: والنهي عن اتباع الأعراب في تسميتهم العشاء عتمة إنما كان لئلا يعدل بها عما سماها الله تعالى به في كتابه؛ إذ قال:{وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ}(١)، فكان إرشادًا إلى ما هو أولى، وليس على جهة التحريم، ولا على أن تسميتها بالعتمة لا يجوز، ألا ترى أنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أطلق عليها اسم العتمة؛ إذ قال: "ولو يعلمون ما في العتمة والصبح"، وقد أباح تسميتها بذلك أبو بكر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم، وقيل: إنما نهى عن ذلك؛ تنزيهًا لهذه العبادة الشريفة الدينية عن أن يطلق عليها ما هو اسم لفعلة دنيوية؛ وهي الحلبة التي كانوا يحلبونها في ذلك الوقت، ويشهد لهذا قوله: "فإنها تعتم بحلاب الإبل". انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب المساجد، باب وقت العشاء وتأخيرها الحديث، رقم (١٤٥٣)، وأبو داوود في كتاب الأدب،