(قال) عثمان: (كان آخر ما عهد) وأوصى (إليّ النبي صلى الله عليه وسلم ألَّا أتخذ مؤذنًا يأخذ على الأذان أجرًا) أي: أجرة، وهذا محمول على التنزيه عند كثيرين، وقد أجازوا أخذ الأجرة عليه، قال الخطابي: أخذ المؤذن الأجر على أذانه مكروه في مذاهب أكثر العلماء، وقال مالك بن أنس: لا بأس به ويُرخص فيه، وقال الأوزاعي: مكروهة، ولا بأس بالجُعل، وكره ذلك أهل الرأي، ومنع منه إسحاق بن راهويه، وقال الحسن: أخشى ألَّا تكون صلاته خالصة لله تعالى، وكرهه الشافعي، وقال: لا يرزق الإمام للمؤذن إلا من خُمس الخمس من سهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه مرصد لمصالح الدين ولا يرزقه من غيره. انتهى، انتهى من "عون المعبود".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم، وأبو داوود، والترمذي، والنسائي، قال أبو عيسى: حديث عثمان حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم؛ كرهوا أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرًا، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه، وابن خزيمة في "صحيحه"، والبغوي في "شرح السنة"، وأحمد في "مسنده".
فدرجة الحديث: أنه صحيح؛ لأن له شاهدًا في "مسلم" و"أبي داوود" و"الترمذي"، وغرضه: الاستشهاد به، فهو ضعيف السند، صحيح المتن.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة ثانيًا بحديث بلال رضي الله عنه، فقال: