(لبني النجار) اسم قبيلة من الأنصار، (وكان فيه) أي: في ذلك الموضع (نخل) لهم (ومقابر للمشركين) من الجاهلية، (فقال لهم) أي: لبني النجار (النبي صلى الله عليه وسلم: ثامنوني) يا بني النجار (به) أي: بهذا الموضع؛ أي: اذكروا لي ثمنه وقيمته؛ أي: خذوا مني الثمن في مقابلته وأعطوني به. انتهى من "النهاية" أي: بيعونيه بالثمن، قال الحافظ: هو بالمثلثة؛ أي: اذكروا لي ثمنه لأذكر لكم الثمن الذي اختاره؛ قال ذلك على سبيل المساومة، فكأنه قال: ساوموني في الثمن. انتهى من "العون".
(قالوا) أي: قال بنو النجار: (لا نأخذ له) أي: لأجل هذا الموضع وفي مقابلته (ثمنًا) قليلًا ولا كثيرًا (أبدًا) أي: أصلًا، ولفظ الأبد ظرف مستغرق لما يستقبل من الزمان؛ أي: في زمن من الأزمنة المستقبلة، والمعنى: أي نعطيه تقربًا به إلى الله تعالى.
وظاهر رواية "الصحيحين" أنهم أخذوا ثمنه، لكن أهل السير ذكروا أنه أخذ منهم بالثمن، وأبو بكر أعطاه. انتهى "سندي"، وفي رواية مسلم:"ثامنوني بحائطكم هذا" أي: اذكروا لي ثمن حائطكم هذا، فأدفعه لكم، فأبتني فيه مسجدًا، وفي "النهاية": أي: قرروا معي ثمنه وبيعونيه بالثمن، يقال: ثامنت الرجل في البيع أثامنه؛ إذا قاولته في ثمنه وساومته على بيعه واشترائه. انتهى.
والمعنى: سموا لي ثمن بستانكم هذا، وبينوا لي كم تريدون وبيعوني به، قال الخطابي: فيه أن البائع أحق بتعيين الثمن، قال المازري: وقيل: بل فيه أن المشتري هو الذي يبدأ بذكره، وفيه نظر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لَمْ يعين ثمنًا، وإنما ذكر مجملًا.