يذكر الحديث في بابه، ويذكر الحديث الذي يعارضه في باب آخر على أثره، ولم أجده في شيء من النسخ، فلست أدري كيف أغفل ذكر هذه القصة، وهي من أمهات السنن؟ ! وإليه ذهب أكثر الفقهاء.
ونحن نذكره لتحصل فائدة ويحفظ على الكتاب رسمه وعادته، ثم ذكره الخطابي بإسناده عن عائشة حديث صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر ما صلاها بالناس وهو قاعد والناس خلفه قيام، وفي آخر الحديث:(فأقامه في مقامه، وجعله عن يمينه، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبر بالناس، فجعل أبو بكر يكبر بتكبيره، والناس يكبرون بتكبير أبي بكر)، قال الخطابي: قلت: وفي إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر عن يمينه وهو مقام المأموم، وفي تكبيره بالناس وتكبير أبي بكر بتكبيره .. بيان واضح أن الإمام في هذه الصلاة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد صلى قاعدًا والناس من خلفه قيام، وهي آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فدل حديث عائشة هذا على أن حديث جابر وأنس منسوخ.
ويزيد ما قلناه وضوحًا ما رواه أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: ولما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وذكر الحديث، قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسًا، وأبو بكر قائمًا يقتدي به، والناس يقتدون بأبي بكر. انتهى من "العون".
فدل حديث عائشة هذا على أن حديث أبي هريرة الذي ذكره المؤلف وأن حديث أنس وجابر المذكورين في أبي داوود منسوخ بحديث عائشة هذا لأن المأخوذ من أفعاله صلى الله عليه وسلم آخر الفعلين، والله أعلم.